Telegram Group Search
◉ العيد السعيد الذي نريد!

العيدُ ليس مجرّدَ يوم تَتَزَيَّنُ فيهِ الأجسادُ بالثيابِ الجديدةِ، وتَمتَلِئُ الموائدُ بألوانِ الطيّباتِ، بل هوَ فرحةُ القلوب، ونقاءُ النفوسِ من الأحقادِ، وامتدادُ الأيدي بالخيرِ والعطاءِ.

العيدُ السعيد هوَ عيدُ من أقبلَ على اللهِ بصفاءِ قلبِه، وسلامة صدرِهِ، ورحمَتِهِ لإخوانِهِ، فالعيد ليس يومًا للحزن والجمود، وهو ليس مناسبةً عابرة، بل هو موسمٌ لإظهار السرور والسعادة حتى قال الحافظ ابن حجر: (إظهارُ السُّرورِ في الأعيادِ من شعائرِ الدِّين). [فتح الباري٤٤٣/٢].


وقد روى البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَالنَّبِيُّ ﷺ عِنْدَهَا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى، وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَعَازَفَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ مَرَّتَيْنِ! فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ! إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا الْيَوْمُ".

فليعلمِ العالَمُ كله أنَّ دينَنا ليسَ دينَ الكآبةِ والحزنِ، بل هوَ دينُ الفَرَحِ والبَهجَةِ، فافرَحُوا مَعَ أَهلِيكُم، وأظهِرُوا سُرورَكم، ولتَكُن بيوتُكُم مَليئَةً بِالحُبِّ.. وهذا اليوم تُضاءُ فيهِ القلوبُ قبلَ البيوتِ، وتصفو فيهِ الأرواحُ قبلَ الثيابِ، ويكونُ زادُهُ التقوى، وسِمتُهُ العفوُ والمحبّةُ والعطاء، فطوبى لِمَن جعلهُ عيدًا للروحِ قبلَ الجسد، وللنفسِ قبلَ المظهَر.

كل عام وأنتم إلى الله أقرب.
غرسُ الفضائل أو تيه الإهمال!

«والصبي أَمَانَةٌ عِنْدَ وَالِدَيْهِ وَقَلْبُهُ الطَّاهِرُ جَوْهَرَةٌ نَفِيسَةٌوَهُوَ قَابِلٌ لِكُلِّ مَا نُقِشَ وَمَائِلٌ إِلَى كُلِّ مَا يُمَالُ بِهِ إِلَيْهِ، فَإِنْ عُوِّدَ الْخَيْرَ وَعُلِّمَهُ نَشَأَ عَلَيْهِ وَسَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وشاركه في ثوابه أبوه وَكُلُّ مُعَلِّمٍ لَهُ وَمُؤَدِّبٍ، وَإِنْ عُوِّدَ الشَّرَّ وَأُهْمِلَشَقِيَ وَهَلَكَ، وَكَانَ الْوِزْرُ في رقبة القيم عليه والوالي له».

|| الغزالي، إحياء علوم الدين (٧٢:٣).

حقًّا…الأجيال أمانة، والناشئة وديعة في أعناق المربين، يُنقَش في صفحات قلوبهم الطاهرة ما يُخطه الآباء والمُعلمون من الخير أو الشر، فإن أحسنوا الغرس= أينعت لهم حدائق الفضائل، وإن أساءوا السقاية، جفت الأغصان وأجدبت الثمار.

قلوبهم في بداياتها جوهرةٌ لم تُصقل، فإن طُبع عليها نور الهداية، أشرقت صفحتها، وإن غشيتها غبرة الإهمال، ران عليها الصدأ وتلاشى رونقها.

وهنا تتجلى عِظَم المسؤولية، فالصغيرُ بذرة المستقبل، وحاملُ رسالة الأمة، فإن نشأ على الخير، سعد وأسعد، وإن أُهمل ضلَّ وأضلَّ، وكان ثُلمة في بنيان المجتمع.

فيا كلَّ مُربٍّ، ويا كلَّ والد، إنما تُشكِّل الأيدي الصغيرة اليوم قادة الغد، وإن ما تُودِعه في هذه القلوب الطرية؛ ستجده في غد الأمة مجسدًا في أخلاقها وصلاحها، ونهضتها، فاحرص على الغرس، فإنَّ الزرع يُثمر ولو بعد حين.
في مساءٍ يعبق بنور العلم وتجلله هيبة الوقار والمعرفة، زرتُ في أيام العيد ومعي بعض طلبة العلم الكرام معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ في داره العامرة.

ما إن وطئت أقدامُنا مجلسه حتى تنسَّمنا أريج التواضع في محيَّاه، ورأينا في حسن استقباله وسمو أخلاقه صورةً مشرقةً للعالِم الذي جمع بين العلم والرفق، وبين الجد والسماحة.

كان الشيخُ متواضعًا متقاربًا، يؤنس الجليس، ويرحب بالضيف، رغم أنه كان مجلس معايدة ومحادثة في بهجة العيد، إلا إنه كان عامرًا بالنفع، زاخرًا بالعلم والعطاء، لم يكن مجرد لقاءٍ عابرٍ للمجاملة، بل كان ميدانًا تُبسط فيه المسائل، وتُثار فيه الفوائد، وتُروى فيه العقول؛ وهذا إن دلَّ، فإنما يدل على محبة الشيخ للعلم وأهله، وحرصه على نشر الفائدة حتى في لحظات الأنس والمودة، فيكون معه حيثما كان، مُعلِّمًا ومُرشِدًا، يبذل العلم كما يبذل التحيّة، فتغدو مجالسه رياضًا للعقول، ومواسم خيرٍ لطالب الفائدة.

خرجنا من مجلسه ونحن نحمل من العلم ما يُضيء دروبنا، ومن الأدب ما يُقوِّم سلوكنا، ومن التواضع ما يُلهم نفوسنا، فجزاه الله عن العلم وأهله خير الجزاء، وأمدَّ في عمره على طاعته.
في قوله تعالى: ﴿ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون﴾.

فسَّر ابن عباس رضي الله عنهما الألم هنا: بـ(الوجع) وجاء في تفسير الإمام الطبري لهذه الآية أن المعنى: أي لا تضعفوا في طلب القوم، فإنكم إن تكونوا تتوجعون، فإنهم يتوجعون كما تتوجعون، وترجون من الله -من الأجر والثواب- ما لا يرجون.
◉ مسألة:

(تحويل صلاة الفريضة إلى نافلة).

◉ مثالها وحكمها:

كأن يشرع في صلاة الفريضة وحده، ثم تأتي جماعة قد فاتتهم الفريضة؛ فيقلب صلاته نافلة ويسلم، ثم يصلي معهم فيجوز ذلك ويصح، فهذا تحويل لمصلحة كبرى وهي إدراك الجماعة، وعلى ذلك جمهور العلماء كما نقله ابن رجب في الفتح (٣/ ٢٩٠) حيثُ يقول: (من دخل في صلاة مكتوبة منفردًا ثم حضر جماعة، فإن له إبطال صلاته أو قلبها نفلًا؛ ليعيد فرضه في جماعة، فإنه أكمل من صلاته منفردًا، وهذا قول جمهور العلماء).

وبخصوص المذهب عندنا قال في الإنصاف (٣/ ٣٧١): (فإنْ كان لغيرِ غرضٍ صحيحٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يصِحُّ مع الكَراهَةِ...وأمَّا إذا قلَبه نَفلًا لغَرَض صحيحٍ، مثلَ أنْ يُحْرِمَ مُنْفَرِدًا ثم يريدَ الصَّلاةَ في جماعةٍ، فالصِّحيحُ مِن المذهب أنَّه يجوزُ وتصِحُّ، وعليه الأصحابُ).
◉ (غزة) وجعٌ يتهجد له الدعاء!

ذكر ابن عساكر في تاريخه (٤٤٤/٩) أن خير التابعين أويس القرني كان إذا جنَّه الليل يقول: (اللهم إني أبرأ إليك من كل كبد جائعة، ومن كل بدن عار، اللهم إني لا أملك إلا ما ترى).

هكذا كانت قلوبُ الأولياء، عامرةً بالرحمة والشفقة، طاهرةً من القسوة والجفوة، تنوء بأوجاع الجائعين والمحرومين والمستضعفين.

اللهم إنَّا لا نملك لأهل غزة إلا الدعاء، فالطف بهم بلطفك، واكشف كربتهم، وكن لهم وليًّا ونصيرًا، اللهم ارزقهم جندًا لا يُهزم، ونصرًا لا يُبدَّل، إنك على كل شيء قدير.
هُوية المسلم تعلو في نفسه بمقدار تمسكه بأصول شريعته واعتزازه بها ونصرته لإخوانه في الدين، ويقينه التام بصحة هذه العقيدة وصوابها وصدقها.

﴿فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم﴾.
◉ في ذروة الانكسار..يولد الفرج!

إذا ضاق الأمر حتى لا يُظن له مخرج، واشتد البلاء حتى يوشك القلب أن يستسلم= جاء الفرج، وجاء النصر.

يأتي اللطيف الخبير بلطفه في اللحظة التي تظن أن كل شيء انتهى، ليُريك أن تدبيره فوق كل شيء، وأن رحمته أسبق من يأسك.

فحين تشتد الظلمات، ويضيق الأفق، وتبلغ النفوس منتهاها، يولد الفرج، ويُزهر النصر من أرض العجز والخذلان.

كأنه نسمة رجاء تُداعب قلب المُنكسر، ومن لطيف ما قاله الشيخ السعدي في القواعد الحسان (ص٢٤٧).

«إذا اشتد البأس، وكاد أن يستولي على النفوس اليأس؛ أنزل الله فرجه ونصره ليصير لذلك موقع في القلوب، وليعرف العباد ألطاف علام الغيوب».

اللهم إذا ضاقت على عبادك المستضعفين والمهمومين وجوه الأرض، فلا تضق عليهم رحمتك ولطفك، اللهم أرهم من لطفك ما تُطمئن به قلوبهم وتقرّ به أعينهم إنك على كل شيء قدير.
◉ سعادة هادئة من تفاصيل عابرة!

حاول أن تفرح بالأشياء الإيجابية التي تحدث في حياتك ولو كانت صغيرة، وتيقَّن أن الهموم والأحزان لا تتكاثر إلا من خلال الرتابة والملل، وعلِّم نفسك أن مفتاح السعادة (يقين)، وبيتها (القناعة)، وثمرتها (الطمأنينة والراحة).

فالسعادة ليست في ضخامة الحدث فحسب، بل في دقته حين يُقابَل بقلبٍ راضٍ مؤمن، والفرح لا يشترط أن يكون مدوِّيًا، بل يكفيه أن يكون صادقًا ولو في أيسر التفاصيل.

فما أروع أن نعيش بيقين، ونستظل بالقناعة، ونقطف من ذلك النبع اليسير والتفاصيل الصغيرة؛ طمأنينةً لا تذبل، فالإيمانُ حين يسكنُ القلبَ يهديه ويُسكنه ويرشده: ﴿وَمَن يُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ يَهْدِ قلْبَه وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ﴾. [التغابن: ١١].
في سنن أبي داود [١٥٤٧] مرفوعًا أنه ﷺ كان يقول:«اللهم إني أعوذُ بك من الجوع فإنه بئس الضَّجِيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئستِ البطانة».

حيث جمع ﷺ في تعوذه بين الجوع الذي تتضرر به النفس، وبين التعوذ من الخيانة التي يتضرر بها الغير.
عبثٌ يحمل صرخةَ قلبٍ امتلأ حنقًا، ومطبوعةٌ تحمل خيبةَ قرونٍ طويلةٍ.

أن تستنجد (بتسعةِ) قرَّاظينَ ليشهدوا على حقدِك وضعفِ كتابتِك… فهذه ليست وجاهةً علميّةً، بل استدعاءٌ إسعافيٌّ من كثرةِ ما نَزفَ من قلاعك، وتحطمَ من حصونَك.

نعم…فالحسدُ يُعمي ويصم، ويُثبتُ أيضًا أن الغيظَ الطويل يمكنُ أن يأتي على صورة مجلدات!

والغرقُ في الإنكارِ يصلُ إلى هذا الحدِّ وزيادةٍ، والبحرُ لا يُلامُ إن غرقَ فيه من لا يُجيدُ العَومَ!

تريدُ أن تُقنعَ العقولَ باتهامك وقد أقامتِ المكتباتُ أركانَها على كتب هذا البحر، واعتمدتِ الجامعاتُ مناهجها وبرامجها على منهجه ونظرياته؟!

كأنك تكتبُ على الماءِ يا هذا، وتنقشُ على الهواءِ، وتظنُّ أن صياحَك سيُقلقُ جبلًا عمرُهُ قرونٌ!

ما يضرُّ البحرَ أمسى زاخرًا
إنْ رمى فيه سفيهٌ بحَجَرْ!
من الأمور التي تعالج جمرة الحسد في القلوب (تذكر الموت وفناء الدنيا) وفي هذا يقول رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى: «ما أكثر عبد ذكر الموت إلا ترك الحسد..».
البخل صفة ذميمة جدًّا، وقد تتحمل كل الناس إلا البخيل؛ وبعض الفقهاء كالإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يقبل شهادة البخيل، ويقول: البخيل يحمله بخله على أن يأخذ فوق حقه مخافة أن يُغبن، ومن كان هكذا لا يكون مأمونًا.
أين يُولد الفقه؟

«لو كان «الفقه» يحصل بمجرد القدرة على مراجعة المسألة من مظانها لكان أسهل شيء!»

|| رسائل ابن عابدين (٣٣٨/١).

هذه المقولة تحمل في طيّاتها بُعدًا عميقًا لتسهيل أمر الفقه وحصره في مجرد الرجوع إلى الكتب أو مظانّ المسائل فحسب، دون تحقق أدوات الاجتهاد، ولا فقه روح النصوص، ولا مراعاة مقاصد الشريعة وسياقات النوازل.

وعلميًا، هذه المقولة تؤصّل لحقيقة مقررة في أصول الفقه، وهي أن تحصيل الفقه –بمعناه العميق– لا يتوقف على مجرد الاطلاع على الأدلة أو مراجعة أقوال العلماء فقط، بل لابد معه من أمرين رئيسين:

أولاً: الآلة العلمية الراسخة:
من معرفة بالأصول، وقواعد الاستنباط، واللغة، ومقاصد الشريعة، وفهم المسائل وتصورها، والتفريق بين ما يُقال في مقام التعليم وبين ما يُقال في مقام الفتوى والقضاء ونحو ذلك.

ثانيًا: الملكة الفقهية: وهي التي يُعبّر عنها بعض العلماء بأن: (الفقه جوهرٌ يُلقى في القلب) وهي ثمرة التمرّس الطويل، وكثرة المطالعة، وتنوع النظر، ومقارنة الأقوال، ومعرفة علل الخلاف، وتقدير واقع الناس.

فكأن ابن عابدين يشير إلى خطر التصدر في الفقه بمجرد النظر في الكتب، ويؤكد أن “الفقه” منزلة لا يُنالها من لم يسلك طريق التكوين العلمي المتين، والتزكية من أهل العلم الراسخين، وممارسة التطبيق العملي الذي يُنمّي الملكة الفقهية الراسخة.
﴿وبشر المؤمنين﴾ إسلوب قرآني بديع جاء في خمس آيات تقريبًا، يجعلنا نحرص دائمًا أن نكون نبراس "بشارة" في الخيرات، ومنارة "تفاؤل" في الحياة.

فاللهم اجعلنا مبشرين لا مُنفرين.. وميسرين لا معسرين.
الجواد إذا عثر! وقفتان مع تواضع الكسائي.

في تراثنا العلمي مشاهد تبقى مصابيح هدى، لا تُقرأ لمجرد المتعة، بل لتُغرس في القلب خلقًا، وتُستعاد في المواقف زادًا.

ومن أبهى هذه المشاهد: ما نُقل عن الإمام الكسائي الذي توفي سنة [١٨٩هـ] أحد أركان الكوفة في النحو والقراءات، وإمام العربية المشهور.

حيثُ روى سلمة، عن الفراء، عن الكسائي، أنه قال: “ربما سبقني لساني باللحن!”.

هنا تتجلى قيمة هذا القول لا في مضمونه فحسب، بل في قائله؛ فهو لسانٌ أقام قواعد العربية، ومع ذلك لم يجد بأسًا أن يُقرّ بأن اللسان قد يزل، وأن الإنسان – مهما علا – يبقى بشرًا.

ثم يروي ابن مسروق، عن سلمة، عن عاصم، عن الكسائي، موقفًا أعجب، يقول: “صليتُ بالرشيد، فأخطأتُ في آيةٍ ما أخطأ فيها صبي، قلت: لعلهم يرجعين! فوالله، ما اجترأ الرشيد أن يقول: أخطأت، ولكن قال: أي لغةٍ هذه؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، قد يعثر الجواد! قال: أما هذا، فنعم!”.

تأمل هذا الموقف: خطأ في آية يتعلمها الصغار، يصدر من إمام القراءات على منبر الصلاة، أمام الخليفة! ومع ذلك لم يُنكر، ولم يُؤوّل، بل واجه الزلة بصدق العارف، وثبات الواثق، وقال: “قد يعثر الجواد”.

وهكذا يكون الكبار: يعرفون قدر أنفسهم فلا يتهيبون من عثرة، ولا يتضعضعون أمام هفوة.

فالعالِم الحق لا تُسقطه الزلّة، بل يرفعه صدقُه في الاعتراف بها، والخطأ لا يُنقص من القدر، وإنما الذي يُنقص هو العناد والمراء، وتكلف العصمة.

لقد وعى الكسائي أن اللسان آلة، وأن السهو سنة بشرية، فكان في منطقه صدق، وفي اعترافه عز.

فيا من طلبت العلم، أو انتسبت لأهله، أو رغبت في التقدُّم في بيانه:
التواضع.. التواضع.. فـ”قد يعثر الجواد”… ولكن الجواد الأصيل لا يكفّ عن الجري!
‏◉ ما معنى أن الله (عزوجل) يصلي عليك؟

‏إذا صليت على النبي ﷺ سيصلي الله عليك كما جاء ذلك في الحديث الصحيح «من صلىٰ عَلَيَّ صلاةً؛ صلىٰ اللهُ عليه بها عشْرًا» وإذا صلى الله عليك: رحمك وأثنى عليك في الملأ الأعلى، وأخرجك من الظلمات إلى النور، مصداق ذلك قوله تعالى: ﴿هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيمًا﴾.

قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: (الصلاة من الله تعالى ثناؤه على العبد عند الملائكة، حكاه البخاري عن أبي العالية.. وقال غيره: الصلاة من الله عزوجل الرحمة.. وأما الصلاة من الملائكة فبمعنى الدعاء للناس والاستغفار.. وقوله تعالى: ﴿لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ أي: بسبب رحمته بكم وثنائه عليكم ودعاء ملائكته لكم= يخرجكم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهدى واليقين).
2025/05/31 14:54:19
Back to Top
HTML Embed Code: